للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على الكفر، فصبر بعضهم حتى قُتِلَ، وتكلَّم عمَّار بما أكرهوه عليه وقلبُه مطمئن بالإيمان، فخلَّوا عنه، فلمَّا قدم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبره بذلك، فنزلت الآية، وقال له النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن عادوا فعد" (١).

وقيل: في قوله: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} [المؤمنون: ١١٧]: هو أن يُكرَه عليه، فهو عذرُه وبرهانُه.

وقيل: نزلَتْ في عيَّاش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل من الرَّضاعة، وأبي جندل بن سهيل بن عَمرو، والوليد بن الوليد بن المغيرة، وسلمة بن هشام، وعبد اللَّه بن أسيد الثَّقفي، وهم المستضعَفون بمكَّة، وهم الذين كان النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقنُتُ لأجلهم في الفجر: "اللَّهم اشددْ وطأتَك على مضر، واجعلها عليهم سنينَ كَسِنِي يوسفَ" (٢)، وفيهم نزل بعد هذا: {ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٠]، فتَنهم (٣) الكفَّار عن دينهم، فأبوا وصبروا، فأثنى اللَّه عليهم (٤).

* * *


(١) رواه يحيى بن سلام في "تفسيره" (١/ ٩٢)، والطبري في "تفسيره" (١٤/ ٣٧٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢٣٠٤) عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١٢/ ٣١٢): وهو مرسل ورجاله ثقات.
ورواه الحاكم في "المستدرك" (٣٣٦٢) عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه، وصححه، وقال الحافظ: (وهو مرسل أيضًا، وأخرج الطبري من طريق عطية العوفي عن بن عباس نحوه مطولًا وفي سنده ضعف).
قلت: وليس في شيء من رواياته أن أخذ المشركين له كان عند الهجرة، ولعله وهم من المؤلف رحمه اللَّه.
(٢) هذا الدعاء رواه البخاري (٢٩٣٢)، ومسلم (٦٧٥) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٣) في (ر) و (ف): "فنهاهم".
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٤٧) دون نسبة.