للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٢٤) - {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.

وقوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ}: ونظمُها بالأولى: أنَّ اللَّه تعالى أمر محمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- باتِّباع إبراهيم، وأمر أمَّته بذلك أيضًا بقوله: {فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [آل عمران: ٩٥]، وفي متابعة الأنبياء رحمةٌ وراحة، وفي مخالفتهم والاختلافِ عليهم محنةٌ وفتنة، كما كان لأصحاب السَّبت.

وفي الآية وجوهٌ أصحُّها (١) وأوضحها ما حكاه الإمام أبو منصور رحمه اللَّه فقال: قال بعضُهم: إنَّ موسى أمرَ بني إسرائيل أن يتفرَّغوا في كلِّ سبعة أكَلام يومًا للعبادة، وهو يوم الجمعة، ويتركوا فيه عمل دنياهم، فقالوا: نتفرَّغ يوم السَّبت؛ فإنَّ اللَّه تعالى لم يخلق يوم السَّبت شيئًا، فقال فريق منهم: انظروا إلى ما يأمركم به نبيُّكم فخذوا به، فذلك اختلافهم فيه، فجُعل لهم يوم السَّبت على ما سألوا، فاستحلُّوا فيه المعاصي (٢).

فذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} فتنة ومحنة (٣)، ولو اتَّبعوا نبيَّهم ولم يختلفوا عليه لم يُشدَّد عليهم هذا التَّشديد، ولم يقعوا فيما وقعوا فيه.

وقال الحسن وقتادة: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ}؛ أي: إنما لُعِنوا في السَّبت


(١) "أصحها" ليس في (أ).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٥٩٣).
(٣) في (أ): "فذلك اختلافهم فيه أي فتنة ومحنة على الذين اختلفوا فيه" بدل: "فذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} فتنة ومحنة".