للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قد يجري بين المؤمنين والمشركين كلامٌ يؤذيهم في غير الدَّعوة إلى الدِّين، فأطلق لهم المعاقبة بالمثل، وقال: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}.

ثم خصَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: {وَاصْبِرْ}؛ أي: على الدُّعاء إلى اللَّه {وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}؛ أي: بتوفيقِه، فاسأل التَّوفيق منه، ولا يكون هذا (١) نهيًا للنَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المعاقبة بالمثل، بل يكون قوله: {وَاصْبِرْ} إرشادًا إلى الأفضل.

وقيل: إنها نزلَتْ في قصَّة حمزة رضي اللَّه عنه حين مُثِّلَ به، فقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأمثِّلنَّ بثلاثينَ منهم"، فأُمر بالاقتصار على المُثْلَة بواحد منهم (٢) (٣)، ثم نُسخَت المُثْلَة (٤).

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}: أي: الصَّبر، ودلَّ عليه قوله: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ}.


(١) في (أ): "عنه وهذا لا يكون" بدل: "منه ولا يكون هذا".
(٢) "منهم" ليس في (أ).
(٣) رواه بنحوه البزار في "مسنده" (٩٥٣٠)، وابن المنذر في "تفسيره" (٢/ ٤٤٧)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٩٣٧)، والحاكم في "المستدرك" (٤٨٩٤) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: صالح المري واه.
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١١٠٥١)، والدارقطني في "سننه" (٤٢٠٢) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما. وقال الدارقطني: فيه عبد العزيز بن عمران ضعيف. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٦/ ١٢٠): رواه الطبراني، وفيه أحمد بن أيوب بن راشد وهو ضعيف.
ورواه الدارقطني (٤٢٠٩) من طريق آخر من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وقال: لم يروه غير إسماعيل بن عياش وهو مضطرب الحديث عن غير الشاميين.
(٤) رواه البخاري (٢٤٧٤) من حديث عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري رضي اللَّه عنه. وأبو داود (٤٣٦٨) من حديث أنس رضي اللَّه عنه.