للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحمار، ووجهُها كوجه الإنسان، وذنَبها كذنب البقرة، وحافرُها كظلفِ البقر، خَطْوُها مدُّ البصر، فركِبْتُها فإنْ همصتُ بها سارت، وإن هممتُ بها طارت، فدخلتُ مسجدَ بيت المقدس فإذا النبيون بها" ثم أتى المسجدَ الحرام وفيه صناديد قريش فقال: "ألَا أخبرُكم بالعجَب؟ " قالوا: بلى! قال: "صلَّيتُ صلاة العشاء والفجرِ هاهنا، وذهبت فيما بينهما إلى بيت المقدس"، وقصَّ عليهم القصةَ، فقال مُطْعِم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف: واحرباه (١) من هذا الكذَّاب، إنَّ عِيرَنا لتخرجُ من مكة إلى بيت المقدس في أربعين يومًا بشقِّ النَّفْس، وقد خرجْتَ إليها في ساعةٍ؟! أشهد أنك كذاب، ثم أَخبر بذلك أبا بكر الصديق رضي اللَّه عنه، فأتاه فسأله وقال له: ماذا لقيتَ على يمينك حين دخلتَ بيتَ المقدس وعلى يسارك؟ وسأله عن الصخرة، فأجابه فصدَّقه فسمِّي الصدِّيق (٢).

وفيما كتبناه في الأمالي مسندًا عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قلتُ: يا جبريل، يكذَّبني (٣) قريش، فقال لي جبريل: فإن أبا بكر الصدِّيقَ هو يصدِّقُك"، فذهبتْ إليه قريش فقالت له: يا أبا بكر! قال صديقُك: إنه أُسري به إلى السماء في ليلةٍ واحدة! قال: صَدَق صَدِيقي، أُصَدِّقه بوحي السماء في (٤) مسيرةِ خمسِ مئة عام يأتيه في ساعة، أفلا أصدِّقه بأنه أُسري به؟! فبلغ ذلك رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) في (أ): "واحربي".
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٥١٦ - ٥١٨) وقد وقع عند المؤلف تقديم وتأخير في بعض المواضع، ومن ذلك أن الصدِّيق صدَّق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمجرد سماعه بالقصة وقبل أن يستفسر أو يسأل، وهذا هو المعروف عن الصدِّيق، ولذلك سمي بذلك.
(٣) في (ر): "كذبني".
(٤) فى (ر) و (ف): "على".