للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والذين هم أهل الشقاوة ربطتهم مثقلةُ الخذلان (١) فأقعدتهم عن النهوض إلى نهج الخلاص، وأوقعَتْهم في وَهدة الهلاك.

وقيل: مَن حاسبه بكتابه وجد (٢) كلَّ زلَّةٍ ومَهلكةٍ، ومَن حاسبه بكتاب نفسه ففي كتابه (٣) سبحانه: {الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف: ٥٨]، فالواجبُ على العبد أن يبتهِل في دعائه فيقول: اللهمَّ حاسبني بكتابك على ما قلتَ: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} لا بكتابي فإنه مشتمِل على القبائح والفضائح (٤).

* * *

(١٥) - {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}.

وقوله تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}:

قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: هو كلُّه تفسير قوله: {أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} فعمَلُ كلِّ إنسان يكون (٥) في عنقه، ويكون هو المؤاخَذَ به لا غيرُه، ويؤاخَذُ بعمل نفسه لا بعمل غيره، والوِزر: الحِمْل، ومعناه: لا تحمِلُ كلُّ (٦) نفسٍ حاملةٍ حِمْلَ نفسٍ أخرى، والآثام: أحمال وأثقال، قال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} الآية [العنكبوت: ١٣] (٧).


(١) في مطبوع "اللطائف": "أركبهم مطية الخذلان"، بدل: "ربطتهم مثقلة الخذلان".
(٢) في (أ) و (ر): "وحده".
(٣) في (ف): "ففي كتاب نفسه".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٤٠)، والكلام فيه بنحوه.
(٥) "يكون": من (أ).
(٦) "كل": من (أ).
(٧) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٧/ ١٧ - ١٩)، والكلام فيه بنحوه.