للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}: قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يحتمِل: وما كنَّا معذِّبين تعذيبَ استئصالٍ في الدنيا إلا بعدَ دفع الشُّبهِ ورفعِها عن الحجج مِن كلِّ وجهٍ وبعد تمامها -وإن كانت الحجةُ لزمتْهم بالعقول بدون بعثِ الرسل- ليدفعَ عنهم عذرَهم من كلِّ وجهٍ.

أو يكونُ قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} في الآخرة {حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} في الدنيا فضلًا منَّا ورحمةً، وإن كان العذاب قد لزمهم والحجةُ قد قامت عليهم.

والأشبهُ هو الأول، وعذابُ الاستئصال في الدنيا ليس هو بجزاءٍ على الكفر، بل جزاءُ الكفر عذابُ الآخرة الذي لا ينقطع، وإنما هو جزاء المعانَدة والمكابَرة عقوبةً لهم وعبرةً لغيرهم، وذلك يكون في المعاندة بعد لزوم الحجة من كلِّ وجه (١).

* * *

(١٦) - {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}.

وقوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً}: أي: أهل قرية (٢) {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}؛ أي: أمرنا منعَّميها وجبابرتها بالطاعة.

وقوله تعالى: {فَفَسَقُوا فِيهَا}: أي: خرجوا عن (٣) الأمر وعصَوا، وقرئ


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٧/ ١٩)، والكلام فيه بنحوه.
(٢) "أي: أهل قرية": ليس في (أ) و (ف).
(٣) في (أ): "على".