للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}، هو ردُّ قول ذلك اللَّعين: إنَّ محمدًا لأبترُ، إذا ماتَ انقطع ذِكرُه، فقال اللَّه تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} لا أنت (١).

ثم فيه بيانُ شرف المؤمنين، حيمث تولَّى جوابَ المنافقين عمَّا قالوه للمؤمنين، كما كان في حقِّ المصطفى عليه السَّلام، فإن الوليد بن المغيرة قال له: إنك مجنونٌ (٢)، فنفاه اللَّه تعالى عنه لقوله: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: ٢] (٣)، ثم قال في حقِّ (٤) ذمِّ ذلك اللعين: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ} [القلم: ٨]، وقال تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣)} [القلم: ١٠ - ١٣] (٥)، وهي عشرةُ أسماءٍ مذمومةٍ (٦).


(١) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٣/ ٧) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما، واللعين المذكور هو العاص بن وائل.
(٢) في (أ): "إنك لمجنون"، وفي (ف): "إنه مجنون".
(٣) وروي عكس هذا، وهو أن الوليد بن المغيرة نفى عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك الوصف بالجنون عندما أراد كفار قريش وصفه به، فروى البيهقي في "دلائل النبوة" (٢/ ٢٠٠) عن ابن عباس رضي اللَّه عنها: أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفرًا من قريش، وكان ذا سنٍّ فيهم، وقد حضر الموسم، فقال: إن وفودَ العرب ستقدُم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيًا واحدًا. . . فقالوا: نقول كاهن، فقال: ما هو بكاهن، لقد رأيتُ الكهان، فما هو بزمزمة الكهان، فقالوا: نقول مجنون، فقال ما هو بمجنون، ولقد رأينا الجنون وعرفناه. . . إلى أن قال وإن أقرب القول لأن تقولوا ساحر، فتقولوا: هو ساحر يفرق بين المرء وبين أبيه، وبين المرء وبين أخيه. . . فأنزل اللَّه عز وجل في الوليد بن المغيرة، وذلك من قوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} إلى قوله: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}.
(٤) "حق": من (أ).
(٥) رواه ابن إسحاق في "سيرته" (٢/ ١٤٠) عن الربيع بن أنس.
(٦) في هامش (ف): "أسماء المنافقين عشرة في القرآن: مخادعون، جاهلون، كاذبون، مرضى، مفسدون، سفهاء، طاغون، صمٌّ، بُكمٌ، عُميٌّ".