للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٣) - {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.

وقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}: قال ابن عباس وقتادةُ وابن زيد: وأمر ربُّك (١). وأصل القضاء: فصلُ المعنيِّ بالأمرِ على أحكام (٢).

وفي مصحف عبد اللَّه: (ووصَّى ربُّك) (٣).

و {أَلَّا تَعْبُدُوا} نصبٌ لوقوع (قضى) عليه، و (لا تعبدوا) نهيٌ.

ولمَّا أمر اللَّه تعالى بالتوحيد وقدَّمه لأن به تُقبل الأعمال، أَتْبعه بالإحسان إلى الوالدين وهو أعظمُ حقوق البشر، ثم أمر بعد ذلك بصلةِ الرَّحِم ومواساةِ المحاويج بالمقدار المعقول في الإنفاق المحمود، ثم نهى عن قتل الأولاد وهو من صلة الرَّحِم، ثم أَتْبعه النهيَ عن الزنا وفيه حفظُ الأنساب ليتوصل بذلك إلى صلة الأرحام؛ إذ في الزنا اختلاطُ الأرحام (٤) والجهلُ بوجوه القَرابات، ثم النهيَ عن قتل النفس المحرَّمة بغير حقٍّ إذ لا ذنب بعد ذلك إلا الشركُ أعظمُ منه، ثم النهيَ عن تضييع مال اليتيم وإفسادِه، ثم الوفاء بالعهود، ثم إيفاء الكيل والوزن (٥) بالقسط، ثم حفظ السمع والبصر والفؤاد عن خلاف الحق، ثم الأمر بالتواضع وتركِ التكبُّر والتعظُّم والمرحِ على الناس، كلُّ ذلك مَسُوقٌ على قوله: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}، ولا


(١) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٥٤٢ - ٥٤٣). وعن قتادة عبد الرزاق في "تفسيره" (١٥٥٣).
(٢) في (ف): "الإحكام".
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ١٢٠)، و"المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٧٩)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٧/ ٢٣٢٣)، و"المحرر الوجيز" (٣/ ٤٤٧).
(٤) في (أ): "الأنساب".
(٥) في (ف): "والميزان".