للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

افعَلْ بهما هذا النوع من الإحسان كما أحسَنَا إليَّ في تربيتهما إياي، والتربيةُ هي التنمية، وهذا من حقوقهما بعد موتهما وهو الدعاءُ لهما (١).

وقيل: نزلت الآية في سعد بن أبي وقَّاص حين أسلم، وعلمت بذلك أمُّه فتجرَّدت وألقت نفسها في الرمضاء، فأُخبر سعدٌ بذلك، فقال: فلتَمُت، فلم يرضَ اللَّه بذلك وأنزل: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: ٨]، وما ضاهاها من الآيات (٢)، وعلى هذا قوله: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا} نسخَها قولُه: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ١١٣].

* * *

(٢٥) - {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا}.

وقوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا}: قيل: لمَّا نزلت الآيةُ خاف بعضُ الناس ما وقع منهم في حقِّ الأبوين من التقصير على غير قصدٍ، فنزلت.

أي: اللَّهُ عالمٌ بقصدِ قلوبكم، فإن تكونوا صالحين غيرَ قاصدين للعقوق، بل نادمين على ما يقع من غير قصدٍ، راجعين إلى اللَّه، غفر اللَّه تعالى لكم ما قد سلف.


(١) "وهو الدعاء لهما" ليس من (ف).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٣٦٣)، عن قتادة في نزول قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: ٨]. ورواه مسلم (١٧٤٨)، والطبري (١٨/ ٥٥٢)، من حديث سعد رضي اللَّه عنه في نزول قوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٤ - ١٥].