للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٤) - {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.

وقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}: حاصلُه: التواضعُ والعطفُ والرعاية.

وقال عطاءٌ في تفسيره: لا تَرفع إليهما بصرَك، ولا تشدَّ (١) نظرك (٢).

ومجازُه: أن الطائر إذا أراد ضمَّ فرخِه إليه خفَض له جناحيه، فكذا قيل للولد: اكفُل والديك وضمَّهما إلى نفسك كما كانا هما (٣) يفعلان بك في صغرك.

وقيل: إذا نزل الطائرُ إلى ولده المتروك في وكره عن طيرانه خفَض جناحيه ولم يُرفرف بهما لئلا يؤذيَ الولدَ ذلك، فكذا الولدُ أُمر أن يتقدَّم إلى والديه على لِينٍ وتواضُعٍ، لا يأخذهما ولا يرفعهما إذا احتاجا إلى رفعه على قلةِ مراعاةٍ وعلى حَملهما كما يحمل الأحمال، كيلا يَشُقَّ عليهما ولا يؤذيَهما.

وقيل: خفضُ الجناح: ترك الطيران، وبسطُهما: للطيران والتباعُد، فهذا أمرٌ للولد ألا يَبرحَ عن خدمتهما، ولا يَنفِرَ عنهما ولا يتباعَدَ.

وقوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}: والرحمة تجمعُ كلَّ الخيرات في الدِّين والدنيا إلى أن يُدخل اللَّه المرحومَ الجنة ويَغفر له خطاياه، يقول: يا ربِّ


(١) في (ر): "وتمد إليهما"، بدل: "ولا تشد"، وسقطت من (ف) مع كلمة "بصرك".
(٢) لم أجده بهذا اللفظ، وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢٣٢٤)، والواحدي في "البسيط" (١٣/ ٣٠٧)، عن عطاء بن أبي رباح قال: (لا ترفع يدك عليهما)، زاد ابن أبي حاتم: (إذا كلمتَهما). وفي "البسيط" أيضًا: وقال عطاء عن ابن عباس: (لا يريدان منك أمرًا إلا أجبتهما إليه). ولعل هذا الثاني هو الخراساني.
(٣) في (ف): "كما أنهما كانا".