للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال سعدونٌ المجنون (١):

أُفٍّ للدنيا وتُفّ.. كلُّ مَن فيها يَلفّ (٢)

وقوله تعالى: {وَلَا تَنْهَرْهُمَا}: النَّهْر والانْتِهار: الزَّجرُ بإغلاظٍ وصياح.

وقوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}: شريفًا في نفسه، أَعْرِض فيه عن القُبح واللَّغو، قال تعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: ٧٢]؛ أي: معرِضين عنه مكرِمين أنفُسَهم عن الإصغاء إليه.

وأصل الكَرَم: الصَّفْح.

وقوله: {كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: ٢٩] قيل: شريف.

وقيل: الكريم: الذي يُظهر محاسنَ حبيبه ويُخفي القبائح (٣)، قال الشاعر:

إنَّ الكريم إذا حبَاكَ مودَّةً... سَتَر القبيحَ وأَظهر الإحسانا

وقال الضحاك: هو ألا يُسمِّيَهما بالاسم (٤)، لكن يقول: يا أبتاه ويا أُمَّاه.

وقال الزهريُّ لسعيد بن المسيِّب: قد عرفتُ ما في القرآن إلا قولَه: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} فما هو؟ قال: هو قول العبد المذنبِ للسيد الفظِّ (٥).


(١) سعدون الْمَجْنُون، يُقَال: إنّ اسمه سعيد وكنيتَه أبو عَطاء ولقبَه سعدون، من أهل البَصْرة، كان من عقلاء المجانين وحكمائهم، له أخبار مِلاح وكلام سديد ونَظْم ونَثْر يُسْتَحْسَنُ، وطوَّف البلاد ودُوِّنت أخبارُه، استقدمه المتوكَل وسمع كلامه. انظر: "الوافي بالوفيات" (١٥/ ١١٩).
(٢) انظر: "الوافي بالوفيات" (١٨/ ١٥٠)، وعزاهما لابن المنجم الواعظ.
(٣) في (ف): "المقابح".
(٤) في (ر): "باسمهما".
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٥٤٩ و ٥٥١)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢٣٢٤)، والواحدي في "البسيط" (١٣/ ٢٠٦)، وعندهم جميعًا: أبو الهداج التُّجيبي، مكان: الزهري.