للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروى جابر: أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان قاعدًا بين أصحابه، إذ أتاه صبيٌّ فقال: يا رسول اللَّه! إنَّ أمي تَستكسيك قميصًا، ولم يكن عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا قميصُه، فقال للصبي: "من ساعةٍ إلى ساعةٍ يَظهر"، فعاد الصبي إلى أمه فقالت: قل له: إن أمي تستكسيك القميصَ الذي عليك تتبرَّك به، فدخل النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- داره ونزع قميصه وقعد عاريًا، فأذَّن بلال للصلاة وأنتظره فلم يخرج، فشُغل قلب الصحابة، فدخل عليه بعضهم فرآه عاريًا فلامه، فنزلت الآية (١).

* * *

(٣١) - {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}.

وقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}: يجوز أن يكون هذا مجزومًا على النهي عطفًا على قوله: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ}، ويحتمِل أن يكون منصوبًا عطفًا على قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}، وقتلُ الأولاد (٢) من أشدِّ العقوق، وقد أمر اللَّه تعالى ببِرِّ الأولاد كما أمر ببرِّ الوالدين، وفي التفسير: الأبرار هم الذين يَبَرُّون الآباء والأبناء.


(١) ذكره أبو الليث السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ٣٠٩)، والثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٩٦)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٢٨٧)، والبغوي في "تفسيره" (٥/ ٩٠)، والزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٦٦٢). قال الحافظ في "تخريج أحاديث الكشاف" (ص: ٩٩): (لم أجده). وقال الآلوسي في "روح المعاني" (٢٩/ ١٤): وأنت تعلم أنه يأبى هذا كونُ السورة مكية والآية ليست من المستثنيات، ولعل الخبر لم يثبت فعن ولي الدين العراقي: أنه لم يجده في شيء من كتب الحديث؛ أي: بهذا اللفظ، وإلا فقد أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: جاء غلام إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إن أمي تسألك كذا وكذا فقال: "ما عندنا اليوم شيء"، قال: فتقول لك: اكسني قميصك، فخلع عليه الصلاة والسلام قميصه فدفعه إليه وجلس في البيت حاسرًا فنزلت، وأخرج ابن أبي حاتم عن المنهال ابن عمرو نحوه، وليس في شيء منهما حديث أذان بلال وما بعده.
(٢) في (أ): "الوالدين".