للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإذا (١) كان ذلك خوفًا من الفقر فهو أشدُّ؛ لِمَا فيه من سوء الظن باللَّه تعالى.

وكان ذلك نهيًا عن وأد (٢) البنات، وكانوا يفعلونه، قال النبيُّ عليه السلام: "إن اللَّه كَرِه لكم وَأْدَ البنات وعقوقَ الآباء والأمهات" (٣).

وذكَر الأولادَ على العموم -مع أن عادتهم كانت في البنات على الخصوص- تعريفًا أن البنات أولادٌ (٤) كالبنين، وكان وأدُهم البناتِ لخوف الفقر، فإن البنات عاجزات عن التكسُّب (٥)، وكانوا يتعيَّشون بالغارات، ويأخذون أموال الناس في المحارَبات، والبناتُ عن ذلك عاجزات، وربما لا يَرْغبُ كفءٌ في البنت فيُضطر إلى تزويجها من غير كفءٍ، فيلحقها العار بذلك، فكانوا يئدون البنات تحرُّزًا عن ذلك، فقال اللَّه تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}؛ أي: فقر {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}؛ أي: علينا أرزاق الكلِّ فلا تهتمُّوا لذلك.

وقوله: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} قرأ ابن كثير: {خِطاءً} بكسر الخاء ممدودةً مهموزة، وقرأ ابن عامر في رواية ابن مجاهدٍ عن ابن ذكوان: {خَطَأً} بفتح الخاء والطاء والهمزة من غير مدٍّ، وقرأ الباقون بكسر الخاء وتسكينِ الطاء (٦).


(١) في (ف): "وإن".
(٢) في (ف): "قتل".
(٣) رواه البخاري (٢٤٠٨)، ومسلم (٥٩٣)، من حديث المغيرة بن شعبة رضي اللَّه عنه بلفظ: "إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عليكم عُقُوقَ الأُمَّهاتِ، ومَنْعًا وهاتِ، ووَأْدَ البنات، وكَرِه لكم: قِيلَ وقالَ، وكثرةَ السُّؤال، وإضاعةَ المال".
(٤) في (ر): "والأولاد".
(٥) في (أ): "الاكتساب"، وفي (ر): "الكسب".
(٦) انظر: "السبعة" (ص: ٣٧٩ - ٣٨٠)، و"التيسير" (ص: ١٣٩ - ١٤٠).