للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومعنى النهي عن الإسراف فيه: ألا يَقتل وليُّ المقتول غيرَ قاتلِ وليِّه، وكان مِن عادةِ العرب قتلُ غيرِ قاتله، والزيادةُ على ذلك بقتلِ النفوس بنفسٍ واحدة.

وقيل: هو مجاوزةُ الحدِّ الذي جُعل في القصاص؛ من المُثْلة، وقطعِ الأطراف، ونحوِ ذلك.

وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا قتلْتُم فأَحْسِنوا القِتلةَ، وإذا ذبحتُم فأَحْسِنوا الذِّبحة" (١)، وعلى هذا قوله: {إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}؛ أي: القاتل، فإن اللَّه تعالى ينهَى عن قتله بأكثرَ من فعله.

وقيل (٢): {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} هو نهي القاصد عن القتل؛ أي: لا يَقتل، فإن نَفْس القتل إسرافٌ، قال تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢]، وقال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ} [الدخان: ٣١].

* * *

(٣٤) - {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}.

وقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}: أي: بالجهة التي هي أحسنُ؛ أي: أصلحُ وأنفع.

وقوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}: أي: كمالَ عقله وقوَّته، وهو إذا احتلم أو بلغ بالسنِّ، على ما فسَّرناه في آخر سورة الأنعام.


(١) رواه مسلم (١٩٥٥) من حديث شداد بن أوس رضي اللَّه عنه.
(٢) فى (أ): "فقوله".