للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}: قال قتادة: وأحسنُ ثوابًا في العاقبة (١)، وهو مِن آلَ يَؤولُ، وهو كقوله: {وَخَيْرٌ مَرَدًّا} [مريم: ٧٦]، {وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف: ٤٤].

وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ}؛ أي: في الدنيا، فإنه أمانة، وهو (٢) يوجب الثناءَ والمحمَدةَ ورغبةَ الناس في معاملته، وهو أنفع من كلِّ كسبٍ {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} في الآخرة فقد جمع نفع الدارين.

* * *

(٣٦) - {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.

وقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}: قال قتادة: أي (٣): ولا تقُل: سمعتُ، ولم تسمع، ولا: رأيتُ، ولم تَرَ، ولا: علمتُ، ولم تَعلم (٤).

وأصلُ القَفْو: اتِّباع الأثر، وكأنه يتَّبع قفا المتقدِّم، والخطاب للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والمرادُ جميع أمته.

وقيل: هو النهيُ عما كان عليه المشركون على التقليد من غير علمٍ، كما قال تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم: ٢٣]، وقال: {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: ٥]، {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ} [ق: ١٥]، {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل: ٦٦]، وقال: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: ٣٢]، وقال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}


(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٥٦٦)، والطبري في "تفسيره" (١٤/ ٥٩٣).
(٢) "وهو": ليست في (أ).
(٣) في (أ): "يعني".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٥٩٤).