[القصص: ٥٠]، وقال:{نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ}[الأنعام: ١٤٣]، {هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ}[الأنعام: ١٤٨]، فعلى هذا قوله:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}؛ أي: لا تتبع في الاعتقاد وتقليدِ مَن لا يَلزمُ تقليدُه.
وقوله تعالى:{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}: قيل: {كُلُّ أُولَئِكَ}؛ أي: كلُّ العباد {كَانَ عَنْهُ}؛ أي: عن قَفْو ما ليس له به علم، وعن استعمال هذه الجوارح فيما استعملها فيه.
وقيل:{كُلُّ أُولَئِكَ}؛ أي: كلُّ هذه الأشياء وهي السمع والبصر والفؤاد {كَانَ}؛ أي: كان كلُّ واحد منها {عَنْهُ مَسْئُولًا}؛ أي: عمَّا عمِل صاحبه؛ أي: يُسأل الشهادةَ على ذلك، كما قال:{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} الآية [يس: ٦٥]، وقال:{شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ} الآية [فصلت: ٢٠]، وقال:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ} الآيات [النور: ٢٤].
وقيل:{كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}: عن شكر هذه الأشياء (١).
وقيل: إن العبد مسؤولٌ عما يَكسبه بسمعه وبصره وقلبه من الأمور؛ إذ للَّه في جميع هذه الجوارح عبادات، حتى لا يجوزُ لهم استعمالها في غيرها، فيُسأل عنها؛ أي: يحاسَب عليها ويجازَى بها.
وقيل: اعتقاد الدِّين يقع بالقلب، والمرءُ مسؤولٌ عنه؛ كما لو أصغى إلى باطل، أو نطق بباطل، أو نظر إلى باطل.
وقيل:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} هو نهيٌ عن قذف المحصَنين والمحصَنات، وكانوا يتهاجَون في الأشعار بالقول في الآباء والأمهات، فنُهوا عن ذلك، وهذا يُروى عن مجاهد وعكرمة.
(١) بعدها في (أ): "وقيل عما امتحن به هذه الأشياء".