للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا}: يتصل بقوله: {وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الإسراء: ٣٩]؛ أي: قل للمشركين: لا تجعلوا مع اللَّه آلهة، فإنه لو كان مع اللَّه آلهةٌ أخرى في الأرض كما تقولون -والإلهيةُ تقتضي نفوذَ القدرة وسعةَ السلطان وانتفاءَ العجز- لما احتَملت آلهتكم وهي في الأرض أن تكون (١) الغلبةُ لملك السماء، ولكانت تُوجب أن تكون هذه الآلهة تُمانع إله السماء وتنازعُه في سلطانه، وأنتم تعترفون بأنها لا تقدر على منازعةٍ في ملك، ولا على دفعِ ما يَرِدُ عليها من قهرٍ، وهذا خارجٌ عن صفة الإله، وهذا معنى قوله: {إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا}؛ أي: إذًا لطلبوا إلى اللَّه ذي العرش العظيم في السماء سبيلًا لإزالة ملكه ولقهره، وإذا لم تكن آلهتهم هكذا -بل هي لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل، ولا تضرُّ ولا تنفع، ولا قدرةَ معها على ردِّ مَن يَروم قهرَها- فقد وجب أنها مربوبة مخلوقة.

وقوله تعالى: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا}: أي: هو منزَّهٌ عن ذلك وبعيدٌ عنه، أمرٌ للعباد (٢) بتنزيهه عما يقول هؤلاء الظالمون.

* * *

(٤٤) - {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.

وقوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ}: أي: تشهدُ له بالإلهية والوحدانية والتعالي عن الأضداد والأنداد السماواتُ السبع والأرضون وما فيهنَّ من حيوان وجماد؛ لِمَا في كلِّ شيءٍ منها من دلائل الحدوث وآثار صنعِ الصانع.


(١) في (ر): "إذ"، وفي (ف): "أن"، وسقطت منهما: "تكون".
(٢) في (ف): "وأمر العباد"، ووقع قبلها في (أ) و (ر) كلمة رسمها: "ومحبه".