للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: صيَّرهم بحيث كانوا لا يرونه، ويستمعون (١) قراءته، ولم يقدروا على إيذائه والإضرار به، فبلَّغهم.

قال: ويجوز أن يكون ما ذُكر من الحجاب هو حجابُ الفَهْم، وذلك أنهم كانوا ينظرون إليه بالاستخفاف له والاستهزاء به فحُجبوا عن الفهم، وهو كقوله: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: ١٤٦]، ويدلُّ عليه ما بعده، {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} (٢).

وقوله تعالى: {حِجَابًا مَسْتُورًا} قيل: معناه: ساترًا؛ كقوله {كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} [مريم: ٦١]؛ أي: آتيًا.

وقيل: أي: مستورًا به، كقوله: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٤]؛ أي: مسئولًا عنه، فحذف الصلة عنه هاهنا وهو (عن)، وفي الأول حُذفت الصلة وهي الباء.

وقيل: معناه: مستورًا عن أعين الخلق لا يَرونه، وكذلك مأتيًّا هو على حقيقته؛ لأن ما أتاك فقد أتيتَه.

* * *

(٤٦) - {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا}.

وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً}: أي: أغطيةً، جمع كِنَان؛ أي: غطاءٍ.


(١) في (أ) و (ر): "ولا يسمعون"، والمثبت من (ف) و"التأويلات".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٧/ ٥٤).