للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنَّا (١) إذا أنعمنا على الإنسان -أي: المشرك- بإعطاء المال والصحة والأمان وكثرةِ الولد (٢) لنمتحنَه بشكر نعمتنا وأداءِ طاعتنا أعرض عن تدبُّر آياتنا.

وقوله تعالى: {وَنَأَى بِجَانِبِهِ}: أي: تباعَدَ بجانبه عن المؤمنين، فلم يَلِنْ لهم، وهو عبارةٌ عن التكبُّر (٣)، يقال: فلان ليِّنُ الجانب: إذا كان متواضعًا سَمْحَ الأخلاق، وصعبُ الجانب: إذا كان متكبِّرًا عَسِرَ الأخلاق، ولا يوصَل إليه بسهولةٍ كالشيء البعيد.

ويحتمِل: {وَنَأَى بِجَانِبِهِ}؛ أي: تباعَدَ في إعراضه؛ كما قال: {مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا} [يونس: ١٢]، وهو كما يقال إذا نأى وخالف (٤): ركب فلان رأسه، وشمَخ بأنفه، وصعَّر خدَّه، ولوَى شِدْقه.

وقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا}: أي: فإذا أصاب هذا الكافرَ سوءٌ يَئس من رحمة اللَّه فلم يصبر على المحنة، وفي الحالة الأولى لم يشكر على النعمة، وهو كقوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: ١٩ - ٢١].

* * *

(٨٤) - {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا}.

وقوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}؛ أي: كلُّ إنسان يعمل في دينه على ما يشاكِل عقله، فمَن تدبَّر القرآن واستشفَى به عمِل في دينه بالحجة، ومَن أعرض عنه عمِل على ما يُوجبه تقليد الآباء في الضلالة.


(١) في (ر) و (ف): "أي".
(٢) في (أ): "الولدان".
(٣) في (أ): "الكبر".
(٤) "نأى وخالف" من (ف).