للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢]، وهذا جوابٌ مُقنعٌ كافٍ لمن أَنصف، وإنما بُعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لبيان ما يُحتاج إليه من أمر الدين.

قوله تعالى {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}: أي: ولقلَّةِ علمكم بمواقع حُجج اللَّه ومراتبِ دلائله تلتمسون دلائلَ صحةِ دعوَى النبوةِ من جهةِ العلم بالروح ونحوِ ذلك، وليس كذلك.

وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أنه قال: الروح الذي سألوه عنه هو جبريل، قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: ١٩٣] (١).

وقيل: هو ملك من الملائكة له سبعون ألفَ وجهٍ، لكلِّ وجهٍ سبعون ألفَ لسانٍ، يسبح اللَّه تعالى بجميع ذلك، وهذا عن عليٍّ رضي اللَّه عنه (٢)، وقال: وهو حافظٌ على الملائكة، كالملائكة حفَّاظٌ على بني آدم، وهو في قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: ٣٨] (٣).

وقال الحسن: سألوه عن الروح الذي هو القرآن، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: ٥٢] (٤)، {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} [النحل: ٢]، ويدلُّ عليه


(١) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٣/ ٢٦٩).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٧١)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٤٠٨)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (٧٨١)، من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٣) لم أجده، وقال مقاتل في "تفسيره" (٢/ ٥٤٧): {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} وهو ملك عظيم على صورة إنسان أعظم من كلِّ مخلوق غير العرش، فهو حافظ على الملائكة وجهه كوجه الإنسان. وليس فيه ما يحتج به.
(٤) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٣/ ٢٦٩). وروى عبد الرزاق في "تفسيره" (١٦١٥) عن قتادةَ والحسَن، في قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} قال: هو جبريلُ، قال قتادةُ: وكان ابنُ عباس يَكتمه.