للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على أن الأشياء كلَّها بإرادة اللَّه تعالى فقال في الثالث: {فَأَرَادَ رَبُّكَ}، ولأنه ذكر الفضل والرحمة فأضافه إلى اللَّه تعالى دون غيره.

وقيل: قال الخضر لموسى عليه السلام حين قال له: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} قال له: لقد ألقَتْك أمُّك في اليمِّ فلم تغرق، فلِمَ خِفتَ الغرق عليهم مع حفظ اللَّه تعالى لهم.

ولمَّا قال له: {قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} قال له: إنك قتلْتَ القِبْطيَّ بالوكزة فلمْ يعاتبوك (١)، فلمَ تعاتبُني بهذا؟

فلما قال له: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} قال له: إنك سقيتَ لابنتَيْ شعيبٍ فلمْ تطلب لذلك أجرًا، فلمَ تأمرني بذلك؟ فكان له وجوهٌ ستة (٢) في هذه القصة.

قال وهب: ثم انطلق الخضر وموسى عليه السلام حتى قعدا على الصخرة، فأقبل طائر فغمس بمنقاره في (٣) البحر، ثم أخرجه فمسحه على جناحه، فقال له الخضر: إنه يقول: ما علمُ الخلق في علم اللَّه تعالى إلا بقَدْر ما حملتُ بمنقاري (٤).

وقال موسى للخضر حين أراد أن يفارقه: أوصني، فقال: يا ابن عمران، إياك واللَّجاجةَ، ولا تمش (٥) في غيرِ حاجة، ولا تضحك من غيرِ عَجَبٍ، ولا تعيِّر الخاطئ بخطيئته، وابكِ على خطيئتِكَ، ولا تؤخِّر عمل اليوم لغد.

* * *


(١) في (ف): "يعاقبوك".
(٢) في (أ) و (ف): "تنبيه".
(٣) في (أ) و (ف): "إلى".
(٤) ورد نحوه ضمن حديث أبي بن كعب عند البخاري (٤٧٢٥).
(٥) في (أ): "تكن ماشيًا"، وفي (ف): "تكن مشاءًا".