للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقاساة العناء والتعب {وَرَابِطُوا} أعدائي بلا هرَب {وَاتَّقُوا} بهممكم عن الالتفات إلى السبب {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} غدا بلقائي على بساط الطَّرب.

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: يقال {اصْبِرُوا} على الطاعات وعن المخالفات {وَصَابِرُوا} في ترك الهوى والشهوات، وقطع المنى والعلاقات {وَرَابِطُوا} بالاستقامة في الصحبة في عموم الحالات.

قال: ويقال: {اصْبِرُوا} بنفوسكم {وَصَابِرُوا} بقلوبكم {وَرَابِطُوا} بأسراركم.

قال: والصبرُ مرٌّ مذاقتُه إذا كان العبدُ يتحسَّاه على الغَيبة، وهو لذيدٌ طعمُه إذا شربه على الشهود والرؤية {وَاتَّقُوا اللَّهَ} بمخالفةِ أهوائكم {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الفلاحُ: الظَّفَر بالبُغية، وهمةُ القومِ اليومَ الظَّفَرُ بنفوسهم، فإذا ظَفِروا بها ذبحوها بسيوفِ المجاهَدة، وصلَبوها على عيدان المكابَدة، وبعد فنائهم عنها يَحصلُ بقاؤهم بالمشاهَدة.

- وذكر أيضًا في الموضع نفسه: وقال عطاء: {اصْبِرُوا} على دينكم {وَصَابِرُوا} الوعد الذي وعَد ربُّكم {وَرَابِطُوا} عدوِّي وعدوَّكم، حتى يرجعَ عن دينه إلى دينِكم {وَاتَّقُوا اللَّهَ}؛ أي: خافوني فيما نهيتُكم وأطيعوني فيما أمرتُكم {لَعَلَّكُمْ} تُسْعَدون وتَبقَون في الجنة ناعمين مخلَّدين كما بشَّرتكم.

٤ - وإن من أهم ما تميز به أيضًا كثرة ما ينقله من آثار أو أقوال في التفسير أو النحو أو اللغة أو غيرها مما لا يوجد في الكتب التي بين أيدينا:

وهذا مما يبوِّئ هذا التفسير المكانة العالية السامقة على غيره من التفاسير المطبوعة.

ففي الآثارِ عن السَّلفِ مثلًا كثيرٌ مما ساقهُ لم نقف عليه، والغالبُ أنه نقلَه من

<<  <  ج: ص:  >  >>