للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: قام حتى تورَّمت قدَماه، فنزلت (١).

وقيل: زاد في اجتهاده، فقيل له في ذلك، فقال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا" (٢).

وقال القشيري رحمه اللَّه: يقول: ليس المراد من وحينا إليك تعبَك، إنما هذا استفتاح طلب (٣) الوصلة، وتمهيد بساط القُربة (٤).

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما في رواية: قال له قومه: لقد شقيَ هذا الرجل بربِّه فنزلت الآية (٥): {لِتَشْقَى}؛ أي: لتتعَبَ، كما قال: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: ١١٧]؛ أي: تتعبَ بالكسب، وظاهره أنه نزل أمر بالتخفيف (٦) على نفسه.

ويَحتمِل وجهًا آخر: وهو أن الكفار لمَّا عيَّروه بذلك -أن اللَّه تعالى ألزمه اجتهادًا يشقَى به في دنياه بالتعب والسهر أو أرادوا أن ينفِّروه- أنزل اللَّه تعالى هذا يبين له أنه ليس بشقاءٍ بل هو يَسعدُ (٧) به، ويقتدي به غيره فيكونُ له مثلُ أجورهم، فيكون هذا أمرًا بالثبات عليه والازدياد منه.


= {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} قال: في الصلاة، كقوله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: ٢٠] فكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة.
(١) ذكره بنحوه الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٢٣٧) عن الكلبي. وروى البخاري (٤٨٣٦)، ومسلم (٢٨١٩)، من حديث المغيرة بن شعبة رضي اللَّه عنه قال: قام النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى تَورَّمَتْ قدماه، فقيل له: غَفَر اللَّهُ لك ما تَقدَّم مِن ذنبكَ وما تأخَّرَ، قال: "أفلا أكونُ عبدًا شَكورًا".
(٢) انظر التعليق السابق.
(٣) في (أ): "باب"، ولم ترد الكلمة في "اللطائف".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٤٤٥).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٥).
(٦) في (أ): "أمر بالتخفيف منه"، وفي (ر): "أمرنا بالتخفيف".
(٧) في (ف): "ليس أشقى بل سعد" وفي (ر): "ليس إشقاءً بل إسعاد".