للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: تخاليط (١) وتهاويل من الرؤيا رآها في نومه فتوهَّمها (٢) وحيًا من اللَّه إليه، ثم لم يثبتوا على هذا حتى قالوا: {بَلِ افْتَرَاهُ}؛ أي: اختلقه من نفسه وكذَب به على اللَّه تعالى، ثم لم يثبتوا على هذا حتى قالوا (٣): {بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} وما أتى به شعرٌ، كلامٌ يَنْظِمُه هو.

وقيل: أسروا النجوى فقال بعضهم: هو سحر، وخالفهم فريق فقالوا كذا، وفريق قالوا كذا.

{فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ}: لمَّا كانوا علماءَ بضروب الكلام، وكانوا يعلمون أنه ليس بسحرٍ ولا بشعرٍ ولا برؤيا، تحكَّموا واقترحوا فقالوا: {فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ}؛ أي: بمعجزةٍ كمعجزات (٤) موسى وعيسى وغيرهما، فأمَّا هذا القرآن فإنَّا لا نرضى به آيةً، فردَّ اللَّه عليهم هذا فقال:

* * *

(٦ - ٧) - {مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

{مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا}: أي: لم يؤمن أهلُ القرى الذين أهلكناهم وقصصْنا عليكم أخبارهم مع مجيء الآيات التي اقترحوها.

وقوله: {أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ}: أي: أهؤلاء المقترحون يؤمنون لو أتيناهم بما اقترحوا، وهي استفهام بمعنى النفي.


(١) في (ر): "مغاليط".
(٢) في (ر): "فيزعمها".
(٣) "حتى قالوا" من (أ)، وفي (ف): "وقالوا"، وليست في (ر).
(٤) في (ر): "كمعجزة".