للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: ما آمنتْ قبل هؤلاء قريةٌ قد سبق لها الهلاك على الكفر، أفأهل مكة يؤمنون وقد سبق لهم أنهم يموتون على الكفر.

وقيل: قوله: {فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ} قاله عبد اللَّه بن أبي أميةَ المخزومي.

وقال القشيري رحمه اللَّه: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} يسمعُ أنين المذنبين سرًّا من الخلق حذارًا أن يَفْتضِحوا، ويسمع مناجاة العابدين بنعت التسبيح إذا تهجَّدوا، ويسمع شكوى المحبِّين إذا مسَّتهم البُرحاء ولشدةِ الاشتياق ضجُّوا (١).

وقوله تبارك وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إلا رجالًا يُوحَى إليهم} (٢): هو ردُّ قولهم: {هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} استبعَدوا الرسالة من البشر (٣) وقالوا: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} [الفرقان: ٢١] قال (٤): {وَمَا أَرْسَلْنَا} الرسلَ {قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا} بشرًا لم يكونوا ملائكة {يُوحَى إِلَيْهِمْ} (٥)؛ أي: مع ذلك كان يأتيهم الوحي من عندي على ألسُن الملائكة.

وقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا}: أي: يا أهل مكة {أَهْلَ الذِّكْرِ}: أهلَ الكتب المتقدمة ممن تقرأ التوراة والإنجيل والزبور، وذلك لأنهم كانوا يذكرون أقاصيصَ الأنبياء والأمم {إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} والعرب لم تكن تعرف ذلك ولا تذكُره، فكان


(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٤٩٢).
(٢) في (ر): "نوحي"، وهي قراءة حفص، والمثبت قراءة باقي السبعة. انظر: "السبعة" (ص: ٤٢٨)، و"التيسير" (ص: ١٣٠).
(٣) في (أ): "استبعدوا إرساله" وفي (ف): "استبعدوا الرسالة" ليس فيهما: "من البشر".
(٤) في (ر): "فنزل".
(٥) في (ر): "نوحي إليهم".