للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولئك يسمَّون (١) أهلَ الذكر، وكان أهل مكة يعتمدون على قولهم، فأمرهم بسؤالهم ليقع لهم العلم بإخبارهم بأن الأنبياء قبله كانوا من البشر.

وقيل: {أَهْلَ الذِّكْرِ}: مؤمنو أهل الكتاب.

وقال علي رضي اللَّه عنه: {أَهْلَ الذِّكْرِ} العلماء بالقرآن (٢). قال تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ} [الأنبياء: ٥٠] وهذا دعاءٌ إلى مساءلة أهل العلم من المؤمنون ومناظرتهم والاجتماعِ معهم على البحث والنظر ليخرجوا بذلك عن التقليد.

* * *

(٨ - ٩) - {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ}.

وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ}: أي: وما جعلنا كلَّ واحد منهم جسدًا -كما قال تعالى: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [غافر: ٦٧]؛ أي: يخرج كلَّ واحد منكم طفلًا- {لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ}؛ أي: كانوا في طباع البشر محتاجين إلى ما يُقيم أبدانهم.

وقيل: الجسد كنايةٌ عما لا يتصرَّف ولا يتحرَّك ولا يحتاج إلى غذاء.

قوله تعالى: {وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ}: لا يموتون؛ أي: فكذلك أنت يا (٣) محمد، والرسالة لا توجب الخروجَ من البشرية.

قوله تعالى: {ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ}: من النصرة والنجاة {فَأَنْجَيْنَاهُمْ} مما أحلَلْناه بقومهم المكذِّبين.


(١) "يسمون" ليس من (أ).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٢٢٩) بلفظ: (نحن أهل الذكر).
(٣) "أنت يا" ليس في (أ)، وفي (ف): "يا".