للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ}: أي: قل يا محمد لهؤلاء المستعجِلين: مَن يحفظكم {بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ}؛ أي: من عذاب الرحمن، وكان مشركو العرب مقرِّين بأن اللَّه تعالى هو الخالق والرازق والحافظ، فإذا سألتَهم عن ذلك واعترفوا بأنْ لا حافظ من عذاب اللَّه، ثبت أنه قادر على أن يعجِّل لهم العذاب، فإنه لا يؤخِّره لعجزه ولكن ليبلُغ الكتاب أجلَه.

وقوله تعالى: {بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ}: وفيه إضمارٌ لتفيد كلمة {بَلْ} (١): ليسوا جاهلين أنْ لا كالئ لهم من عذاب اللَّه تعالى، {بَلْ هُمْ عَنْ} تدبُّر (٢) {ذِكْرِ} اللَّه؛ أي: وعظِه {مُعْرِضُونَ}.

* * *

(٤٣ - ٤٤) - {أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ}.

وقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا}: وفيه إضمار أيضًا لتكون {أَمْ} على حقيقتها (٣): أيستعجلون العذاب ظنًّا منهم أنهم يمتنعون من عذاب اللَّه تعالى بأنفسهم {أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا}.

ثم ردَّ عليهم ذلك فقال: {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ}: أي: يُجارون ويُحفظون، يقال في الدعاء: صَحِبَكَ اللَّه؛ أي: كان اللَّه


(١) في (ف): "أنهم" بدل من "لتفيد كلمة بل". وكلمة "لتفيد" غير واضحة في (أ) و (ر).
(٢) "تدبر" ليست في (أ).
(٣) في (ف): "الحقيقة".