للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: كان يونسُ وقومه يسكنون فلسطين، فغزاهم ملك فسبى منهم سبعةَ أسباط ونصفَ سبط، وبقي سبطان ونصفُ سبط، فأوحى اللَّه تعالى إلى أشعيا (١) النبيِّ عليه السلام أن سرْ إلى حزقيا الملِكِ وقل له حتى يوجِّهَ نبيًّا قويًا أمينًا، فإني ألقي في قلوب أولئك الرعب (٢) حتى يرسلوا معه بني إسرائيل، فقال له الملِك: فمَن تَرى؛ وكان في مملكته خمسة من الأنبياء، فقال: يونس، فإنه قويٌّ أمين، فدعا الملك يونس فأمره أن يخرج، فقال يونس: هل أمرك اللَّه بإخراجي؟ قال: لا، قال: هل سمَّاني لك؟ قال: لا، قال: هاهنا غيري أنبياءُ أقوياءُ أمناءُ، فخرج مغاضِبًا للملك، فأتى بحرَ الروم فإذا هو بسفينةٍ محشوَّةٍ فركبها، فلما لجَّجت السفينة تكفَّأت حتى كادوا يغرقون، وذكر حديث القرعة (٣).

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: بُعث يونس إلى قرية فردُّوا عليه ما جاءهم به، فأوحَى اللَّه إليه: أني أرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا فاخرج من بين أظهُرهم، فأَعْلم قومه الذين قد أَوعدهم، فقال بعضهم لبعض: ارْمُقوه، فإن هو خرج فإنه كائن ما وعدكم به، فرمقوه حتى إذا كانت تلك الليلة التي يجيء العذاب في صبيحتها فخرج ليلًا، ورآه القوم فحذِروا وخرجوا إلى بَرَازٍ من الأرض وفرَّقوا بين كلِّ ذات ولدٍ وولدِها، ثم عجُّوا إلى اللَّه تعالى وتابوا، فصرف اللَّه عنهم العذاب، وكان يونس عليه السلام ينتظرُ العذاب، فأُخبر بما فعل قومه وبما صُرف العذاب عنهم، فلم يرجع يونس إليهم خشيةَ أن يُنسب إلى الكذب، ومضى على وجهه (٤).


(١) في (ر) و (ف): "شعيب".
(٢) في (ف): "الوعيد"، وليست في (أ).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٣٠١) من طريق عطية العوفي عن ابن عباس.
(٤) إلى هنا رواية الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٣٧٥) من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.