للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك الحوتَ حوتٌ آخر، فكان في ظلمات بطون الحيتان الثلاثة، قاله سالم بن أبي الجعد (١).

وقوله تعالى: {أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ}: وهذا توحيدٌ وتنزيه.

وقوله تعالى: {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}: وهذا اعتراف بالزلة، وقد فسَّرناه في سورة البقرة عند ذكر زلة آدم، وهي فعلُ الفاضل وترك الأفضل، وكان الأفضل أن يرجع شفقةً على قومه وإن كان ذهابه فاضلًا لأنه غاضَبهم في ربه.

* * *

(٨٨) - {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}.

وقوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ}: دعاءه، وهو ما ثبت في ضمن هذا الثناء.

وقوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ}: قيل: غمِّ الحبس، وقيل: غمِّ الزلة.

وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}: الذين يدعونني إذا ابتُلوا.

وقيل: وكذلك ننجي مَن تكلَّم بهذه الكلمات.

وقيل: نجيناه من البلاء لطاعته في الرخاء، وكذلك ننجي مِن المحنة مَن كان مطيعًا لنا في النعمة؛ قال اللَّه تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: ١٤٣ - ١٤٤].

قال: أخذته الزَّلةُ برجله فسَفَلتْه في البحر، وأخذته الطاعة بيده فأَعْلَتْه إلى الساحل، وكذلك معصيةُ كلِّ عاصٍ تَسْفُله في النار أسفلَ سافلين، وتُعليهِ (٢) طاعتُه في أعلى علِّيِّين.


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٣٨٣).
(٢) في (ر): "وتنقله"، وفي (ف): "ونقلته".