للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأفسدوا طريق المدينة با لعَذِرات وقالوا: يا رسول اللَّه، أتاك (١) العرب بأنفسها وأتيناك بأهالينا وأولادنا، فمنُّوا (٢) بذلك على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفيهم نزل (٣): {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [الحجرات: ١٧] (٤)، فكانوا إذا ارتفع مرادهم وصحَّت أجسامهم ونما مالهم قالوا: هذا دينٌ صالح، فإن كان غيرَ ذلك قالوا: هذا دين سوء (٥).

وروى الضحاك عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: هذا رجل من المنافقين كان يُظهر تصديقًا ويُسِرُّ كفرًا، فكان يبعث إلى نظرائه من المنافقين فيقول لهم: إن كانت الدائرةُ على محمد وأصحابه فأنا معكم، وإن كانت الدائرة عليكم والظَّفَر لمحمد وأصحابه فأنا معهم، فهو قوله اللَّه تعالى: {عَلَى حَرْفٍ}.

* * *

(١٤ - ١٥) - {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (١٤) مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}.

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا


(١) في (أ): "أتتك".
(٢) في (ف): "يمنون".
(٣) في (ر): "فنزل" بدل: "وفيهم نزل".
(٤) رواه النسائي في "الكبرى" (١١٤٥٥)، والبزار في "مسنده" (٥١٤١)، من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وذكره دون عزو الواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٩٦)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٣٤٩)، جميعهم في نزول قوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} وليس فيه ذكر آية الحج.
(٥) انظر ما تقدم قريبًا عن ابن عباس ومجاهد وقتادة.