للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: الخشوع: خشية القلب، وغضُّ البصر، وخفضُ الجَناح، وكان الرجل من العلماء إذا صلى هاب الرحمنَ أن يمدَّ (١) بصره إلى شيء أو يحدِّثَ نفسه بشيء من شأن الدنيا (٢).

وقال القشيري رحمه اللَّه: الخشوع في الصلاة: إطراق السرِّ على بساط النجوى باستكمال نعت الهيبة، والذوب تحت سلطان الكشف، والانمحاء عند غلَبات التجلِّي.

وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ}؛ أي: قد أدرك ثمراتِ القُرْب وفاز بكمال الأُنس مَن وقف على بساط النجوى بنعت الهيبة ومراعاةِ آداب الحضرة، ولا يكمل الأنس بلقاء الحبيب إلا عند فَقْدِ الرقيب، وأشدُّ الرقباء وأكثرهم تنغيصًا للقُرْب النفسُ، ولا راحة للمصلِّي مع حضور (٣) نفسه، فإذا حبَس عنه نفسَه، وشاهِدُه عدمُ إحساسِه بآفَةِ نفسه، طاب له العيش، وتمت له النُّعمى، وتعجَّلت له البشرى (٤).

* * *

(٣ - ٤) - {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ}.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ}:

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: هو الحَلِف الكاذب (٥).


(١) في (أ) و (ف): "يشد".
(٢) رواه يحيى بن سلام في "تفسيره" (١/ ٣٩٢)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١٣٨)، والطبري في "تفسيره" (٤/ ٣٨٢)، وأبو نعيم في "الحلية" (٣/ ٢٨٢).
(٣) في (ف): "حظوظ".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٥٦٧).
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٣٩)، والواحدي في "البسيط" (١٥/ ٥٢٢).