للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٥ - ١٦) - {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ}.

{ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُون}: أي: والبقاءُ للخالق دونكم.

وقوله تعالى: {أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}؛ أي: أحسن المقدِّرين؛ قال زهير:

ولأنتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وبعـ... ضُ القومِ يخلقُ ثم لا يفري (١)

وقال تعالى: {أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: ٧]؛ أي: خلَقه محكَمًا يصلح لِمَا أُريد له.

وقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ}: أي: بعد نفخ الروح فيكم {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُون}؛ أي: للجزاء بالأعمال، إذ خلقتكم (٢) للتعبُّد فاعلموا أنكم لم تُخلقوا عبثًا؛ كما قال في آخر السورة: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: ١١٥].

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: كان عبد اللَّه بن سعدِ بنِ أبي سرحٍ أخًا لعثمان من الرضاعة، وكان يكتب لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا أَملى عليه: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} كتب {سَمِيعًا بَصِيرًا}، وإذا أملى عليه {سَمِيعًا بَصِيرًا} كتب {رؤوفًا رحيمًا}، فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يملي عليه هذه الآية، فلما بلغ قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} خطر بباله: فتبارك اللَّه أحسنُ الخالقين، فلما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} قال عبد اللَّه: إن كنتَ نبيًا يوحَى إليك فأنا نبيٌّ يوحى إليَّ، فارتد -والعياذ باللَّه (٣) - ولحق بمكة كافرًا (٤).


(١) انظر: "ديوان زهير" (ص: ٩٤).
(٢) في (أ): "خلقتم".
(٣) "والعياذ باللَّه" زيادة من (أ).
(٤) ذكره الفراء في "معاني القرآن" (١/ ٣٤٤)، والثعلبي في "تفسيره" (٤/ ١٧٠)، والماوردي في =