للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العذاب، فيستغيثون فيغاثون بالضريع، فينشبُ (١) في حلوقهم، فيَذْكرون أنهم كانوا في الدنيا يُجيزون الغصص بالشراب، فيستغيثون بالشراب فيُسقون الحميم، فإذا أدنوه من وجوههم شوى وجوههم، وإذا دخل بطونهم قطَّع أمعاءهم، فيدعون خزنة النار: {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٩] فيجيبونهم: {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: ٥٠]، فيقولون: ادعوا مالكًا، فيقولون: يا مالك: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: ٧٧] قال: فيجابون بعد ألف سنة: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: ٧٧]، فيقولون: ادعوا ربكم فليس أحد خيرًا لكم من ربكم، فيقولون: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} إلى قوله: {ظَالِمُونَ} (٢).

وفي حديث عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما: فلا يجابون قَدْرَ الدنيا مرتين، ثم يقول اللَّه تعالى لهم: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} فما نبس القوم بعدها بكلمة (٣)، وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم بأصواتٍ كأصوات الحمير أولُها زفيرٌ وآخرُها شهيق (٤).


(١) في (ر) و (ف): "فيتشبث".
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٤١٢٩)، وابن أبي الدنيا في صفة النار (٨٤)، والطبري في "تفسيره" (١٧/ ١٢٣)، ورواه الترمذي (٢٥٨٦) من حديث أبي الدرداء رضي اللَّه عنه مرفوعًا. وقال: (قال عبد اللَّه بن عبد الرحمن: والناس لا يرفعون هذا الحديث)، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن هو الدارمي صاحب "المسند"، وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (٧/ ٢٦٣): هو وإن كان موقوفًا لكنه في حكم المرفوع فإن أمثال ذلك ليس مما يمكن أن يقال من قبل الرأي.
(٣) قوله: "فما نبس القوم بعدها بكلمة" من (أ)، وفي (ف): "فييأس القوم بعدها الكلام"، وفي (ر): "فأيس القوم بعدها فلا أحد يتكلم بكلمة".
(٤) رواه ابن المبارك في الزهد (٣١٩ - زوائد نعيم)، وهناد في "الزهد" (٢١٤)، وابن أبي حاتم كما =