للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ}: أي: بالقرآن؛ أي: حاجَّهم وجادِلْهم به وقرِّعهم بالعجز عنه.

وقيل: جاهدهم بالسيف.

والصحيح الأول؛ لأن السورة مكية، وكان الأمرُ بالقتال بعد ذلك.

وقيل: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا} تكثيرًا للآيات، ولكنَّا أقمنا بك وحدك الدلالات، فلا تُطِعْ مَن كذَّبك، بل جاهدهم بالقرآن فقد لزمتْهم الحجةُ؛ كما قال: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: ٥١].

وقيل: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا} لتَخِفَّ عنك بذلك المؤونة، ولكنَّا حمَّلناك ثقل تبليغ الرسالة (١) إلى كلِّ القرى؛ لتنال بصبرك عليه (٢) ما أَعدَّ اللَّه لك من الكرامة والمثوبة، فلا تطع الكافرين فيما يدعونك إليه من عبادة آلهتهم، وجاهدهم بالقرآن.

{جِهَادًا كَبِيرًا}: بليغًا؛ كما قال تعالى: {نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} [الفرقان: ١٩].

وقيل: {جِهَادًا كَبِيرًا}؛ أي: عظيمًا موقعُه عند اللَّه، وعلى حسَبه الثوابُ عليه.

* * *

(٥٣) - {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا}.

وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ}: وهو بيانُ نعمته وقدرته أيضًا؛ أي: أجراهما (٣) وأرسلهما في الأرض {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ}؛ أي: أحد البحرين


(١) في (أ): "الوحي".
(٢) "عليه" من (أ).
(٣) في (ف) و (أ): "خلاهما".