للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عذبٌ؛ أي: طيبٌ فرات؛ أي: شديد العذوبة، والآخر {مِلْحٌ}: فيه ملوحةٌ {أُجَاجٌ}: مرٌّ.

قيل: أراد به الأنهار العظام، يعني: أرسل في الأرض المياه على ضربين: أحدهما عذبٌ والآخر ملح، وكلُّ واحد منهما بحر، فالفرات العذبُ كالنيل والفرات ودجلةَ وسيحان ونحوِها، والملح الأجاج كالبحار المعروفة.

قوله: {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا}: أي: حاجزًا {وَحِجْرًا}؛ أي: سترًا مانعًا {مَحْجُورًا}؛ أي: مستورًا ممنوعًا.

وقيل: {مَحْجُورًا}؛ أي: مجعولًا حجرًا (١)؛ كما يقال: حدٌّ محدودٌ، وحرامٌ محرَّمٌ، وذلك هو الجزائر والبلاد، فلا يختلط أحدهما بالآخر كذلك فيُفسدَ على الناس مياههم، فإذا قامت الساعة زال الحاجز فاختلطت؛ قال تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير: ٦] وهو قول الحسن.

وقيل: بحر الأرض وبحر السماء.

وقيل: بحرٌ (٢) تحت الأرض، والبرزخُ الأرض.

وقيل: هو بحرٌ واحد من البحار المعروفة يجتمع فيه الماء العذب والماء الملح في مكان واحد، فلا يختلطان فيَفسُدَ العذبُ بالملح {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا}: حاجزًا من القدرة، قاله قتادة (٣).

وقيل: {بَرْزَخًا} هو مدة الدنيا، فإذا قامت الساعةُ اختلط أحدهما بالآخر، وذلك قولُه: {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ} [الانفطار: ٣]، وسيأتي بيانُ ذلك في سورة الرحمن إن شاء اللَّه تعالى في قوله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} [الرحمن: ١٩].


(١) في (ر): "محدودًا"، وفي (ف): "محمولًا"، بدل: "مجعولًا حجرًا".
(٢) في (أ): "بحر السماء".
(٣) رواه عبد بن حميد وابن أبي حاتم، كما في "الدر المنثور" (٦/ ٢٦٦).