للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيكون لكل معصيةٍ قسطٌ {وَيَخْلُدْ فِيهِ}؛ أي: يبقى في العذاب {مُهَانًا}؛ أي: مذَلًّا مستخَفًّا (١) به؛ كما قال: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨].

* * *

(٧٠) - {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}.

وقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ}: أي: رجع عن ذلك {وَآمَنَ} باللَّه ورسوله {وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا}؛ أي: أتى بالطاعات.

وقيل: لما نزل هذا قال أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما منا إلا وقد فعل هذا في الجاهلية، فأنزل اللَّه تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ} (٢).

وقيل: نزلت في قوم من المشركين عملوا هذه الأشياء ثم جبُنوا عن الدخول في الإسلام خوفًا ألا يُقبل منهم (٣).

وقيل -وهو مروي عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما-: نزلت في وحشيِّ بن حرب غلامِ مُطْعِم بن عدي بن عبد مناف -وقيل: غلامِ جُبير بن مُطْعِمٍ- وذلك أنه كتب إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنك تدعونا إلى دينك وتقول: ومَن يَدْعُ مع اللَّه إلهًا آخرَ، ويقتل النفس التي حرَّم اللَّه، ويزنِ، فهو من أهل النار، وإني قد فعَلْتُ هذا كلَّه، فهل من توبةٍ؟ فأنزل اللَّه تعالى قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}


(١) في (ر) و (ف): "مذللًا مستحقًا".
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٨/ ٢٧٣٢) عن أبي مالك مرسلًا.
(٣) رواه مسلم (١٢٢) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أنَّ ناسًا من أهلِ الشِّرك قَتَلوا فأكثَروا، وزنَوا فأكثَروا، ثُم أتَوا محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: إنَّ الذي تقولُ وتَدْعو لحسَنٌ، ولو تُخبرُنا أنَّ لِمَا عَمِلْنا كفَّارةً، فنَزل: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}، ونزَل {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: ٥٣].