للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروي مثلُه عن ابن مسعود.

وعن أبي عثمان النهديِّ رضي اللَّه عنه: أن المؤمن يعطَى كتابه في سترٍ من اللَّه تعالى فيقرأ سيئاته، فإذا قرأها تغيَّر لونه، حتى يمرَّ بحسناته فيقرؤها يرجع إليه لونه، ثم ينظر فإذا سيئاتُه قد بدِّلت حسناتٍ، فعند ذلك يقول: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ١٩] (١).

وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}: لمن تاب وإليه أناب.

* * *

(٧١) - {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا}.

وقوله تعالى: {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا}: الأول -وهو قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} - في حق المشرك، وهذا في حق المؤمن المذنب، يقول: ومَن تاب من ذنوبه وأتبعه عملًا صالحًا فإنه أيضًا قد تاب إلى اللَّه، فله ما للأول من المغفرة والرحمة وتبديل السيئات حسنات.

وقيل بخلاف ذلك؛ قال عبد الرحمن بن زيد: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية، قال: هذه صفة أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال المشركون: واللَّه ما كان هؤلاء الذين مع محمد إلا معنا بالأمس في هذا، فأنزل اللَّه: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} ثم قال لهؤلاء المشركين: {وَمَنْ تَابَ}؛ أي: منكم {وَعَمِلَ صَالِحًا} فإن له مثل ما لهؤلاء {فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} لم تحظر التوبة عنكم (٢).

وقيل: {فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ}؛ أي: يرجع إلى اللَّه يوم القيامة وإلى ثوابه.

* * *

(٧٢) - {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}.


(١) رواه ابن المبارك في "الزهد" (١٤١٥).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٥٢١).