للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: شفقةً عليهم.

وقيل غضبًا للَّه، وهو كقوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر: ٨].

وقوله تعالى: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ}: أي: صارت رقابهم لنا خاضعةً منقادةً، وجمع بالياء والنون؛ لأنَّه وصفها بالخضوع وهو صفةُ مَن يعقل.

وقيل: الأعناق: الكُبَراء والسادة، يقال: هؤلاء وجوه القوم وأعناقُ القوم، يعني: إذا أسلم القادة أسلم الأتباعُ تَبَعًا لهم.

وقيل: الأعناق: الطوائف، وفي الخبر: "يخرج عنقٌ من النار" (١)؛ أي: قطعةٌ وطائفة.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: ومعناه: إن يشأ إيمانهم ينزل (٢) عليهم من السماء آية فيؤمنوا (٣)، والمعتزلة حملوا ذلك على مشيئة القهر وآيةِ الاضطرار (٤)، وهو باطل لأن الآية لا تَضطرُّ إلى الإيمان بدون الاختيار؛ قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ} الآية [الأنعام: ١١١]، ولأنهم يقولون يوم القيامة: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] ولا آية فوق رؤية أحوال يوم القيامة (٥).

* * *


(١) قطعة من حديث رواه الترمذي (٢٥٧٤) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه وقال: حسن غريب صحيح.
(٢) في (أ): "نشأ إيمانهم ننزل".
(٣) في (أ): "يؤمنوا" وفي (ر) و (ف): "فآمنوا به"، والمثبت من "التأويلات".
(٤) في (ف): "وأنه للاضطرار".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٨/ ٤٩).