للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عَدُوٌّ لِي}: أي: كلُّ ما عبدتُموهم أنتم وعبدَه آباؤكم الأقدمون في سالف الدهر -و (الأقدم) تفضيل القديم، وهو الأجداد وآباء الأجداد- فإني أعاديهم؛ أي: أجتنبُ عبادتهم وتعظيمَهم.

وقوله تعالى: {إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}: فإني أعبده وأعظِّمه، لا أعبد غيرَه ولا أعظِّم سواه.

وذكرُ الأقدمين على معنى: أنه ليس في تقليد الآباء حجةٌ، فإن كانوا قرونًا فكيف الآباء الأدنَونَ (١).

والعدو: اسم للمعادِي والمعادَى جميعًا، ونظير قوله: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} قولُ اليهود لجبريل عليه السلام: هو عدونا من الملائكة، وقول اللَّه: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ} الآية [البقرة: ٩٨] وقال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: ٦٧] فوقع على المعادِي والمعادَى جميعًا.

وقيل: معناه: افعل بهم من الاستحقاق ما لو كانوا أحياءً عقلاءَ لعادَوني.

وقيل: أي: لو عبدتُهم لكانوا أعداءً لي يوم القيامة، كما قال: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً} [مريم: ٨١] إلى قوله تعالى: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: ٨٢]؛ أي: يتبرَّؤون من عبَدتهم ويضلِّلونهم.

وقال الضحاك: {إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}؛ أي: إني بريء من الآلهة التي تعبدون كلِّها إلا ربَّ العالمين فإني لا أتبرَّأ منه.

وقيل: هو استثناء منقطع بمعنى: لكن.

وقيل: بل هو استثناء متصل، وقد كان في أبائهم مَن يَعبد اللَّه فاستثنى ذلك.


(١) في (ف): "الأقدمون".