قوله تعالى:{هُدًى وَبُشْرَى}: قال الفرَّاء: يجوز أن يكون نصبًا على القطع، ورفعًا على الاستئناف (١) على تقدير: هو هدًى وبشرى.
{لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}: خصَّهم بإضافة الهدى والبشرى إليهم؛ لحصول نفع ذلك لهم على ما مر شرحه في أول سورة البقرة.
وإذا أيقنوا بالآخرة كانوا مشفقين من التقصير؛ كما قال:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}[المؤمنون: ٦٠]، وكذلك إذا أيقنوا بالجزاء كانوا أنشطَ في الطاعة وأحرصَ عليها؛ كما قال تعالى:{وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا}[الأنبياء: ٩٠].
وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ}: ذكر الذين لا يؤمنون بالآخرة بعدما ذكر المؤمنين بها، وذكر صفتهم فقال:{زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}؛ أي: الأعمالَ التي يعملونها بما ركَّبنا فيهم من الشهوات والأماني حتى رأوا ذلك حسنًا؛ كما قال:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا}[فاطر: ٨]، وهو كالختم والطبع، وفيه إثبات خلقِ اللَّه تعالى أفعالَ العباد.
وفي قوله في أول الآية:{لَا يُؤْمِنُونَ} وفي آخرها: {فَهُمْ يَعْمَهُونَ} إثبات الأفعال، وثبت بذلك صحة مذهب أهل السنة والجماعة.