للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في غيره، فقيل له في ذلك، فقال: جاءت خُطَّافةٌ فقالت: إني قد (١) أخرجت فراخي أعلِّمها الطيران، وإن أخذت على طريقك حطَمْتَهنَّ، فعدلْتُ عنه لأجلهنَّ.

وحكي أن الناس قُحِطوا على عهد سليمان، فجمع سليمان الناس فخرج بهم للاستسقاء، فلما رجعوا مروا على نملة رافعةٍ يديها تدعو اللَّه وتقول: اللهم لا تحبِسْ عنا رزقَنا بخطايا بني آدم، فأوحى اللَّه تعالى إلى سليمان: إني قد استجبتُ لهذه النملة، فأُمطِرَ الناس، فقالوا: هذه بدعوة نبي اللَّه سليمان، فقال لهم سليمان: إنها ليست بدعوة سليمان، ولكن اللَّه قد استجاب للنملة.

* * *

(٢٠) - {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ}.

وقوله تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ}: أي: تعرَّف الطير فلم يجد فيها الهدهد، وكان هذا في مسير سليمان، وظاهرُ نظم هذه الآيات يدل على أنه كان في مسيره إلى وادي النمل.

وقال الخليل: التفقُّد: طلب ما غاب (٢).

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: كان سليمان يوضع له ستُّ مئة ألف كرسي، ثم يجيء أشراف الناس حتى يجلسوا مما يليه، ثم تجيء أشراف الجن حتى يجلسوا مما يلي الإنس، ثم يدعو الطير فتُظلُّهم، ثم يدعو الريح فتحملهم، ثم يسير في الغداة الواحدة مسيرةَ شهر، فبينما هو كذلك في مسيره إذ احتاج إلى الماء وهو في فلاةٍ من الأرض، فيدعو الهدهد فينقر الأرض فيدلهم على موضع الماء، فتجيء الشياطين


(١) "قد" من (ف).
(٢) انظر: "العين" (٥/ ١٢١).