للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي رواية: خفتُ أن يشتغلوا بالنظر إلى ذلك فيغفلوا عن تسبيح الرب (١).

ثم قالت: يا سليمان ما سألتَ ربك؟ قال: سألتُه {مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: ٣٥]، قالت: فما أعطاك؟ قال: أعطاني خاتمًا جعل ملكي فيه، قالت: إنه يقول: لا تفتخر به فإنه حجر، قالت: وما أعطاك أيضًا؟ قال: أعطاني مركب الريح (٢)، قال: ركبتُ مركبًا غدوُّها شهرٌ ورواحُها شهر، قالت: فأين أنت من مركب يوصلُك في ساعة إلى العرش؟ ثم قالت: إن جندي أطوعُ لي من جندِك لك، قال: ولم؟! قالت: لأنهم يريدون منك الرزق ويَعصون ربهم، وجندي مطيعون للَّه ولا يسألون مني الرزق.

ثم قالت: يا نبي اللَّه أتدري لم صار اسم أبيك داودَ واسمُك سليمان؟ قال: لا، قالت: لأن أباك داوى جرحه فوُدَّ، وأنت سُليمُ آن لك أن تلحق بأبيك، فعند ذلك تبسَّم سليمان ضاحكًا من قولها (٣).

وفي رواية: قالت له: كما سخِّرتْ لك الريح فزوالها من يدك كزوال الريح.

وعن أبي الصدِّيق الناجي (٤) قال: ركب سليمان يومًا فعدل عن الطريق وأخذ


(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ١٩٧ - ١٩٨) قال: ورأيت في بعض الكتب أنّ سليمان لمّا سمع قول النملة قال: ائتوني بها، فأتوه بها فقال لها: لم حذّرت النمل ظلمي؟ أما علمت أنّي نبي عدل؟ فلم قلت: لا يَحْطِمَنَّكم سليمان وجنوده؟ فقالت النملة: أما سمعت قولي: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}؟ مع أنّي لم أرد حطم النفوس وإنّما أردت حطم القلوب، خشيت أن يتمنَّيْنَ ما أُعطيت ويشتغلن بالنظر عن التسبيح.
(٢) في (ر) و (ف): "قالت وما أعطاك أيضًا في مركب الريح".
(٣) ذكره بنحوه الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ١٩٨)، وحقي في "روح البيان" (٦/ ٣٢٥)، ولفظ الثاني: (لأن أباك داوى قلبه عن جراحة الالتفات الى غير اللَّه فودّ، وأنت سُلَيم -تصغير سليم- آن لك -أي: حان لك- أن تلحق بأبيك).
(٤) في (ف): "وعن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه".