للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عمرو بن عديٍّ: دعا فقال: يا ذا الجلال والإكرام والفضلِ العظيم والعزِّ الذي لا يُرام.

وقيل: قال: أَهيا شَرَاهيا (١).

وكان ذلك من كرامة آصف، وكرامةُ الأولياء حقٌّ عند أهل السنَّة والجماعة، وهو في الحقيقة معجزة لذلك الرسول الذي هذا من أمته.

وقال وهب: كان آصف من الجنِّ، وجمعَ عفاريتَ من الجن حتى اقتلعوا منزلها الأعلى الذي فوق الأسطوانات بمساكنه وجميع ما فيه، وهي فيه على فرُشها لم تقدر أن تتحوَّل عنها (٢) حتى وُضعت بين يدي سليمان (٣)، وكان حليُّها وثيابها وطيبُها مخزونًا معها في منزلها، فأتي بذلك كله، فلما رآه مستقرًا عنده {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ}؛ أي: إن ما فعله ربي من إلقاء الرعب في قلبها حتى أقبلت إليَّ مع قومها في تلك الرواية، ومن إحضار عرشها في هذه المدة من مسيرة شهرين على هذه الرواية {مِنْ فَضْلِ رَبِّي}؛ أي: من إفضاله عليَّ من غير استحقاقٍ


(١) ذكره الثعلبي ومكي بن أبي طالب وابن عطية والرازي في تفاسيرهم في تفسير قوله تعالى في سورة يونس: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}. وذكره في هذه الآية القرطبي في "تفسيره" (١٦/ ١٦٨) قال: وقالت عائشهُ رَضِيَ اللَّهُ عنها قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ اسم اللَّه الأعظمَ الذي دعا به آصفُ بنُ بَرخيا يا حيُّ يا قيُّومُ"، قيل: وهو بلسانهم، أَهيا شَرَاهيَا. وحديث عائشة المذكور ذكره أيضًا الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٢١١)، ولم أجده مسندًا.
(٢) في (ف): "عنه".
(٣) كذا جاء في هذا الخبر، وهو مخالف لنص القرآن الذي قال: {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (٤١) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ}، وهذا واضح لا لبس فيه أن العرش وصل قبلها، والعجب من بعض المفسرين كيف يوردون أمثال هده الأخبار دون التبصر بمعناها؟! وسيأتي للمؤلف كلام في تضعيف هذه الرواية.