للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحدها: تتابع زعمُهم الذي هو علمٌ عندهم في الآخرة أنها لا تكون، وهذا في ابتداء القول {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا}: أنها تكون أو لا تكون، بعد التأمُّل (١) {بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ}: باقون على الجهالة غيرُ مُمْعِنين (٢) النظرَ حتى يعرفوا كونها.

وقيل: {ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ}؛ أي: تتابع علمُ المؤمنين على كونها، {بَلْ هُمْ}؛ أي: المنافقون {فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ}؛ أي: المشركون {مِنْهَا عَمُونَ}.

وقيل: {ادَّارَكَ} ماضٍ بمعنى المستقبل كسائرِ ما ذكر من أحوال القيامة: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [المائدة: ١١٠]، {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ} [الكهف: ٤٨]، {وَحَشَرْنَاهُمْ} [الكهف: ٤٧]، {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الكهف: ٩٩]؛ أي: يدَّارك (٣) علمُهم في الآخرة، يعني: يتتابع (٤) يومئذ علمهم (٥) ويجتمع على التيقُّن بها وهم في شك وعمًى في الدنيا، وهو كقوله: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [مريم: ٣٨].

وبعضهم قالوا: ألف الاستفهام في أوله مقدَّرة، فتكون بمعنى النفي مع أن ظاهره إثبات، وألفاظ السلف على هذه الأقاويل دالة.

وقال السدي: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} (٦)؛ أي: ما عَمِي عليهم من ذلك في الدنيا علِموه في الآخرة (٧).


(١) في (ر) و (ف): "التأويل".
(٢) في (ف) و (أ): "منعمين".
(٣) في النسخ: "تدارك"، والصواب المثبت.
(٤) في النسخ: "تتابع"، والصواب المثبت.
(٥) في (ف) و (أ): "عليهم".
(٦) في (ف): "بل أدرك. . . "، وانظر التعليق الآتي.
(٧) في رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٢٩١٥) بلفظ: ({بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ}: اجتَمَع عليهم =