للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال في {كهيعص}: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ} [مريم: ٩٥] على الانفراد؛ لأنَّه أراد به: وكلُّ واحدٍ منهم، فإن الكلمة عامةٌ عمومَ الانفراد.

{دَاخِرِينَ}: أي: صاغرين منقادين، والفعلُ من بابِ صنع.

* * *

(٨٨) - {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}.

قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً}: أي: واقفةً (١) في مرأى العين لكبرها (٢) {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}: تسيرُ سيرها، فقد (٣) قال تعالى: {فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} [طه: ١٠٥] وقال تعالى: {دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا} [الفجر: ٢١] وقال تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} [الكهف: ٤٧].

وكلُّ كبير متكاثفٍ إذا تحرَّك لم تتبيَّن حركتُه، قال الشاعر يصف جيشًا:

بأرعَنَ مِثْلِ الطَّودِ تَحْسَبُ أنهم... وقوفٌ لحاجٍ والرِّكاب تُهَمْلِجُ (٤)

وقوله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي}: أي: هذا من صنع اللَّه، وهو ما حدَث بالجبال {الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}: أي: أحكم.


(١) في (ر): "واقعة".
(٢) في (ف) و (أ): "لكثرتها".
(٣) في (ر): "بعدما"، وليست في (ف).
(٤) البيت للنابغة الجعدي، وهو في "ديوانه" (ص: ١٨٧)، و"المعاني الكبير" لابن قتيبة (٢/ ٨٩١). قال ابن قتيبة: أرعن: جيش كثير مثل رعن الجبل، والرعن: أنف يتقدم من الجبل فينسلُّ في الأرض، والطَّود: الجبل؛ أي: من كثرتهم تحسب أنهم وقوف وركابهم تسير.