للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لدُوا للموت وابنُوا للخراب (١)

قوله: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}: أي: آثمين بالكفر والمعاصي، فعوقبوا على ذلك بما جرى (٢) عليهم بسببه.

قال وهب: لمَّا حملت أم موسى بموسى كتمت أمرها جميعَ الناس ولم يطَّلع على حملها أحد، وكان فرعون بعث القوابل يفتِّشن النساء، ولم تنتفخ بطن أم موسى ولم يتغيَّر لونها، وكنَّ لا يعترضن لها، فولدته ليلًا ولا رقيب عليها، فلم يطَّلع عليها أحد إلا ابنتُها مريم، وكاما أسنَّ من هارون، وهارونُ أكبر من موسى بثلاث سنين، وكاما مريم تحت كالب بن يوقنا، وأوحى اللَّه إليها: {أَنْ أَرْضِعِيهِ} الآية. فكتمَتْه أمُّه ثلاثة أشهر ترضعه في حِجرها لا يبكي ولا يتحرك، فلما خافت على نفسها وعليه (٣) عملت له تابوتًا على عمل سفن البحر خمسةَ أشبار في خمسةِ أشبار، فأقبل التابوت يطفو على الماء، فألقى البحرُ التابوت في الساحل في جوف الليل، فلما أصبح فرعون وجلس في مجلسه على شاطئ النيل فبصر بالتابوت، فقال لمن حوله من خدمه: ائتوني بهذا التابوت، فأتوه به.

وقال مقاتل: كانت أمُّه تَتْبع التابوت وترمقه ببصرها وتخاف عليه الغرقَ، وكان


(١) صدر بيت لأبي العتاهية كما في "الحماسة البصرية" (٢/ ٤٢٧)، وعجزه:
فكلكم يصير إلى ذهاب
وهو في الديوان المنسوب لعلي رضي اللَّه عنه كما في "الخزانة" للبغدادي (٩/ ٥٣١) عجز، وصدره:
له ملك ينادي كل يوم
(٢) في (أ): "يجري".
(٣) في (أ): "خافت عليها وعليه".