للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الماء يرفعه مرةً وَيخفضه أخرى (١)، وإن جواريَ فرعون خرجن يستقين من النهر فرأين تابوتًا يجري به (٢) الماء فأخذنه.

وقال كعب: كان فرعون وامرأتُه قاعدَيْن على شطِّ بِرْكته (٣) فإذا هما بالتابوت، فأمر بأخذه، ففتح رأسه فإذا هما بغلام كأحسن ما يكون وأتمِّه، فلما رأياه لم تتمالك آسية حبًّا له.

وقال وهب: لمَّا نظر إليه فرعون قال: عبرانيٌّ من الأعداء، وغاظه ذلك وقال: كيف أخطأ هذا الغلامُ الذبح، وكانت امرأته آسيةُ بنتُ مزاحم من بني إسرائيل، وهي من خيار النساء ومن بنات الأنبياء، وكانت أمًّا للمساكين ترحمهم وتتصدق عليهم، فقالت لفرعون: إن هذا الولد أكبر من ابن سنة، وإنما أمرت بذبح الولدان في هذه السنة، فدَعْه يكون قرةَ عينٍ لي ولك، فذلك قوله تعالى:

* * *

(٩) - {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.

{وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ}: أي: هو قرةُ عين لي ولك، رقَّ قلبها له، ولعلها رأت من فرعون ما وقع عندها أن قلبه صار كذلك فقالت ذلك؛ أي: نرجو أن يكون لنا كالولد تقرُّ به أعينُنا.

{لَا تَقْتُلُوهُ}: أي: لا تذبحوه كما تذبحون أبناء بني إسرائيل {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا} كما ينفعُ الخادم {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}؛ أي: نتبنَّاه، ولم يكن لفرعون ابن.


(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٣٣٧).
(٢) في (ر) و (ف): "يجريه".
(٣) بعدها في (أ): "في الباغ" وفي (ر): "في الباع".