للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١ - ٢) - {الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}.

وقوله تعالى: {الم}: مر ذكر الأقاويل فيه في أول سورة البقرة، ومنها: أن معناه: أنا اللَّه أعلم، وهو وصف اللَّه تعالى بكمال العلم.

وختم تلك السورة بذكر نفاذ الحكم، وذلك وجهُ النظم.

وانتظام السورتين: أنهما جميعًا في بيان وحدانية اللَّه تعالى ودلائلها، ومدحِ المؤمنين ومواعيدهم، وذمِّ الكافرين (١) ووعيدهم.

وقوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}: أي: أظنَّ الناس -وهم الذين شكَوا أذى المشركين- أن نقتصِر منهم على أن يقولوا آمنا باللَّه ورسوله ويُتركون أن لا (٢) يختَبروا بالأمر بهجر ديارهم وجهادِ عدوهم والصبرِ على إيذائهم؟ ويدخل في ذلك المصائب والأمراضُ والشدائد، وهو استفهام بمعنى الإنكار؛ أي: لا يكون ذلك (٣)، ولا بد أن يُفتَنوا بأنواع المحن في الدِّين، فيُخلصوا على الامتحان، ويَظهر بذلك صدقُ مَن صدَق فيه وكَذِبُ مَن كَذَب.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: لمَّا نزل قوله تعالى {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} الآية [الأنعام: ٦٥] اغتمَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: "إنْ بَعَث عليهم عذابًا من فوقهم كما بعث على قوم لوط لم يبق منهم أحد، وإن خَسَف بهم كما خَسَف بقارون لم يبق منهم أحد، وإن لَبَسهم (٤) شيعًا وأذاق بعضَهم بأسَ بعضٍ فكيف


(١) في (أ) و (ف): "الكفار".
(٢) في (أ): "أن"، وفي (ر): "أي لا".
(٣) في (أ): "هذا".
(٤) في (أ): "ألبسهم".