للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}: ثم ذكر بعض ما يُفتَن به الإنسان في إيمانه، وهو أن يأمره أبواه بالشرك والمعصية فلا يحتمِل قلبُه معصيتَهما مع وجوب بِرِّهما شرعًا وعقلًا، وأخبر أنه لا طاعة لهما في ذلك فقال: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}؛ أي: أمرناه أن يفعل بهما حُسنًا.

{وَإِنْ جَاهَدَاكَ}: أي (١): قلنا له بما أوحينا إلى رسولنا وأنزلنا عليه أن يأمره به: وإن استفرَغا مجهودهما لك {لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} أنه لي شريك {فَلَا تُطِعْهُمَا} في ذلك.

{إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ}: في القيامة {فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}: أخبرُكم بأعمالكم وأجازيكم عليها، الولدَ المؤمنَ المطيعَ على إيمانه وطاعته، والوالدين الكافرين العاصيين على كفرهما ومعاصيهما.

نزلت الآية في سعد بن أبي وقاص وأمِّه حَمنةَ بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس، وكانت مشركةً وأسلم ابنها سعدٌ، فحلفت أن (٢) لا تأكلَ ولا تشرب ولا يظلَّها ظلٌّ حتى يرجع سعد عن دينه، فأبى عليها، فلَمْ تزل كذلك حتى غُشي عليها، فأتاها بنوها فسقَوها (٣) حتى أفاقت، وأنزل اللَّه هذه الآية يأمر سعدًا بالإحسان إليها وألَّا يطيعها في الشرك (٤).


(١) بعدها في (أ): "إن"، ولا وجه لها.
(٢) "أن" من (أ).
(٣) في (ر): "فنبهوها".
(٤) رواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٣٦٣) عن قتادة، وورد دون عزو في "تفسير مقاتل" (٣/ ٣٧٤)، و"تفسير الثعلبي" (٧/ ٢٧١)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٣٤١). وروى نحوه مسلم (١٧٤٨) كتاب فضائل الصحابة، عقب الحديث (٢٤١٢)، والترمذي (٣١٨٩)، من حديث سعد رضي اللَّه عنه.