للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وغلبة الروم لفارس للَّه تعالى، لو شاء أن يهلك الفريقين معًا أو أحدهما (١) لفعل، وليست غلبةُ فارسَ للروم على ما توهَّمه المشركون من أنَّ مَن لا كتاب له ولا نبوةَ فدينُه هو الحقُّ ودينُ مَن له نبوةٌ وكتابٌ باطل، وكما غلبت فارسُ الرومَ فكذلك يغلب (٢) مشركو قريش المسلمين، بل كلَا الفريقين مبطِلٌ، ولو شاء اللَّه لمنع أحدهما عن الآخر، فله الأمر من قبلِ غلبة فارس للروم، ومن بعد ذلك.

وقيل: أي: من قبلِ كلِّ شيء، ومن بعد كلِّ شيء.

وقوله تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ}: أي: يومَ غَلبت الروم فارسَ يفرح المؤمنون، لا بنصرة النصارى، ولكن بتحقيق اللَّه وعدَه دالًّا على صدق نبيِّهم فيما أخبرهم به.

وقيل: بل بنصر اللَّه المسلمين على المشركين، على ما روينا أنه كان ذلك في ذلك اليوم (٣).

وقيل: كان ذلك عامَ الحديبية (٤).

وقوله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ}: أي المنيعُ بسلطانه لا يُغلب على أمره ولا يَجري في خَلْقه إلا ما يريده {الرَّحِيمُ} فلا يعاجلُ العصاةَ بالعقوبة.

* * *


(١) في (أ): "وأحدهما" وليست في باقي النسخ، والصواب المثبت.
(٢) في (أ): "فكذلك فعلت"، وفي (ف): "لغلبت"، بدل: "فكذلك يغلب".
(٣) انظر ما تقدم قريبًا عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٤٥٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٣٠٨٧)، عن قتادة، وقد تقدم قريبًا.